محليات

موازنة المملكة تدعم الإنفاق بـ 800 مليار ريال في 2015

0

 

صراحة-متابعات:استبعد خبراء اقتصاديون خفض النفقات العامة في موازنة المملكة المرتقب صدورها خلال الأيام المقبلة بسبب حزمة المشاريع التنموية والتوسعية التي تشهدها كافة القطاعات المدنية، مشيرين إلى أن الجانب العسكري سيكون في قائمة الأولويات.
جاء ذلك في ندوة لمناقشة الأمور العامة لموازنة 2015 وتأثيرها على أهم قطاعين في السوق المحلية المتمثلين في العقار والأسهم باعتبار أنهما يستأثران بالكثير من سيولة الأفراد. وأكدوا على أن أسعار النفط ستلقي بظلالها على موازنة 2015 في حال بقاء الأسعار في مستويات متراجعة الأمر الذي قد يجعل المملكة تلجأ إلى خيارات التغطية المتمثلة في عدة حلول منها الصناديق السيادية والسندات وغيرها.
وحول النفقات العامة المتوقعة، أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور حبيب الله تركستاني أن التوقعات تشير إلى عدم وجود انخفاض كبير في حجم النفقات العامة، وقال: ستبقى النفقات مترواحة بين 800 ــ 900 مليار ريال من أجل تغطية الالتزامات المقبلة بما فيها المشاريع في ظل وجود الصناديق السيادية والاحتياطي النقدي الذي من الممكن استخدامه عند الحاجة.
وأضاف: شهد الربع الأخير تذبذبا في أسعار النفط الأمر الذي أدى إلى حدوث نوع من انخفاض الإيرادات في الاقتصاد السعودي أقل مما كان متوقعا في عام 2014، لذلك نأمل ألا تتحمل الميزانية المقبلة أي تبعات، وأن تبقى الأمور ماضية في نفس الاتجاه المخطط لها حتى يبقى مستوى التعامل مع المشاريع في نفس قوته.
وزاد قائلا: وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف أوضح العديد من الأمور في كلمته الأخيرة التي أعلنها، الأمر الذي أدى إلى حدوث صدى إيجابي بين الأوساط الاقتصادية لكن بغض النظر عما تناوله الوزير؛ فإن المملكة لديها صناديق سيادية يمكن الاستعانة بها لكن المعطيات المتوفرة حاليا لا تشير إلى أن هناك ضرورة لاستخدامها لأن هناك خيارات متعددة أخرى.

استخدام الفوائض
وفي ما يتعلق بحجم الإيرادات المتوقعة مقابل الإيردات العامة في الميزانية المعلنة الأخيرة، أوضح أستاذ المحاسبة المشارك في كلية العلوم الإدارية الدكتور سالم باعجاجة: إشارة وزير المالية إلى أن موازنة 2015 أعدت وسط ظروف اقتصادية دولية مالية تتسم بالتحدي تعطي تأكيدا واضحا على تمكن المملكة من التعاطي مع كافة المستجدات خاصة في ما يتعلق بأسعار النفط، الأمر الذي أدى إلى استخدام بعض فوائض السنوات الماضية في تغطية أي عجز محتمل.
ومضى يقول: يبدو أننا مقبلون على عجز، وقد قدرت نفقات العام المقبل تقريبا بـ 860 مليار ريال بزيادة 5 مليارات عن العام الماضي التي بلغت فيها 855 مليار ريال، وهذا طبقا لبعض التقارير التي توقعت بأن يكون العجز في حدود 140 مليارا لا أكثر على اعتبار أن الإيرادات ستكون في حدود 715 مليار ريال.
الدكتور باعجاجة شدد في حديثه على أن المملكة استطاعت من خلال الفوائض الكبيرة المتحققة في الأعوام السابقة الحصول على عمق دفاعي يساعدها على مجابهة أي عجز قد يقع، وقال: لاحظنا في أعوام سابقة انخفاضا في الإيرادات إلا أن الفوائض مكنت المملكة من تجاوز تلك الانخفاضات، والسيناريو سيتكرر عند حدوث ما يشابه تلك الأعوام الماضية في العام المقبل لكي لا تتأثر المشاريع التنموية خاصة في القطاعات المدنية، بالإضافة إلى تغطية الاحتياجات العسكرية، وبالتالي فإن هذا النهج التنموي الذي تسير عليه المملكة سيستهدف تحقيق تنمية شاملة.
وانتقل في حديثه إلى سوق الأسهم بقوله: مؤشرات الأرقام الاقتصادية المعلنة تؤكد قدرة سوق الأسهم السعودية على تجاوز حاجز العشرة آلاف نقطة من خلال دخول المستثمرين الأجانب الذين سيبحثون عن العوائد المجزية من خلال الاستثمار طويل الأجل.
وأضاف: السيولة المتوقعة من دخول الأجانب تعتبر سيولة استثمارية ستسهم في دفع السوق إلى الارتفاع ولاسيما تلك القائمة على الاستثمار المؤسساتي؛ بخلاف المضاربات العشوائية التي تتم عن طريق الأفراد والمحافظ البنكية.
ومضى يقول: متانة الاقتصاد السعودي تدعم السوق إلى المزيد من الصعود، إلا أن هذا يتوقف على مدى تحقيق الشركات أرباحا جيدة ونموا في أرباحها مقارنة بالفترات السابقة المماثلة وهنا تأتي قوة إدارة الشركة في تحقيق إنتاجية تتنافس مع الشركات التي في نفس الصناعة.

موجة تضخم مقبلة
من جانبه تناول المستشار الاقتصادي فهمي صبحة محور معدلات التضخم المتوقعة في عام 2015، بقوله: معدلات التضخم تراجعت عن العام الماضي لتصل إلى 2.7 في المئة خلال العام الجاري تماشيا مع تراجع أسعار الغذاء الدولية، إلا أن التكهنات تشير إلى استمرارية التضخم في نطاقات تدريجية تصل إلى 3.6 في المئة خلال عامين أو ثلاثة.
وذكر بأن المركز المالي القوي للمملكة يتميز قدرته على امتصاص الصدمات الاقتصادية، مرجحا عدم وجود عجز في ميزانية العام المقبل في حال استمرار توجه الإنفاق الحكومي إلى الداخل، وقال: من المتوقع أن تتراوح نسبة الفائض إلى الناتج المحلي بين 1 في المئة إلى 5 في المئة في 2015 وهي نسبة أقل من الفائض المتوقع في العام الجاري المقدر بنسبة 2.8 في المئة إلى 5 في المئة لكنها نسب أعلى من النسبة التي توقعها صندوق النقد الدولي لنسبة الفائض السعودي عند 2.5 في المئة. وتطرق في حديثه إلى ملف العجز المحتمل بقوله: في تصوري لن تشهد المملكة عجزا قبل عام 2016 فكلما كان الإنفاق موجها للداخل ويسير بنفس الوتيرة وعلى نفس البنود فإن الأمور ستسير على ما يرام.
المستشار صبحة أوضح أن وضع الميزانية السعودية جيد في ظل وجود 3 أسباب، وقال: أحد الأسباب الثلاثة هو تركيز الإنفاق على البنية التحتية، والإنفاق الاجتماعي يبقي النمو الاقتصادي مستمرا. أما السبب الثاني فيتمثل في تراكم الاحتياطيات الأجنبية لمؤسسة النقد يمكن السحب منها عند اللزوم، ويشمل السبب الثالث تخفيض الدين العام إلى أقل من نسبة 2.5 في المئة.
واعتبر أن السياسات المالية السعودية تساعد على زيادة صافي الموجودات الخارجية لمؤسسة النقد العربي السعودية إلى 768.5 مليار دولار في عام 2014 قياسا بما تم تسجيله في العام الماضي عندما وصلت إلى 716.7 مليار دولار.
وفي ما يتعلق بالإنفاق الحكومي والفعلي، قال: أغلب إنفاق الحكومة سيكون على استكمال المشاريع بالإضافة إلى برامج التنمية المتوازنة التي لا يمكن التخلي عنها. أما الإنفاق الفعلي فسيكون مقبولا عند معدلات زيادة قدرها 15 في المئة عن الإنفاق المتوقع إذا أنه من الطبيعي زيادة الإنفاق الفعلي نهاية كل عام على الإنفاق المتوقع بسبب بعض البنود لذلك من الممكن أن تصل النفقات إلى 915 مليار ريال في ميزانية العام المقبل أو بحدود 850 مليار ريال.

تحديات عاصفة
في المقابل تطرق عضو جمعية الاقتصاد السعودي عصام خليفة إلى الظروف التي واكبت موازنة المملكة واصفا إياها بـ«التحديات العاصفة»، وقال: هذه ليست المرة الأولى التي تتزامن فيها موازنة المملكة بالتطورات الاقتصادية على الصعيد العالمي؛ فقد سبق أن حدث ذلك كثيرا مثل عام 1998م و2008م. فالمملكة بحكم خبراتها الواسعة قادرة على بناء موازنة متزنة ومتينة في ظل استمرارها نهجها الملتزم بالأرقام المتحفظة التي تساعدها في وقت الأزمات.
وزاد بقوله: الميزانية ستكون توسعية؛ ولن يكون هناك تقشف ملحوظ في المشاريع الخاصة بالعديد من القطاعات كالتعليم، والصحة، والرعاية الاجتماعية. أما مشاريع البنية التحتية فستبقى من ضمن الأولويات مثل مشاريع التوسعة التي يجري تنفيذها لصالح الحرمين الشريفين، والسكة الحديد، والمطارات، وهناك مشاريع في البنية التحتية قد تتأثر نوعا ما ولكن في نطاق نسبي ضيق ومحدود جدا.
واستطرد قائلا: ميزانية 2014 لن تكون مثل ميزانية 2015 إذ يرجح أن تنخفض بما لا يزيد على 20 في المئة لذلك فإن التوقع قائم بوجود عجز محتمل بناء على ما ستسفر عنه أسعار النفط.
وأشار إلى أن العجز قد يتحول إلى فائض في حال قفزت الأسعار من فوق حاجز الـ 70 دولارا للبرميل الواحد، موضحا أن بقاء الأسعار دون؛ ذلك الحاجز قد يؤدي في خطوة لاحقة إلى الاستعانة بالاحتياطي العام.
وتطرق إلى حجم النفقات العامة وقدرتها على تغطية كافة المشاريع بقوله: من المتوقع أن تواجه موازنة الدولة عدة تحديات منها أن بناء الموازنة التقديرية في بداية العام على تحفظ لأسعار النفط في حدود 65 دولارا للبرميل، ما يعني انخفاض التقديرات بنسبة 10% – 20%.
وزاد قائلا: في حال حدث العجز يتوقع تغطيته بالاحتياطيات المالية التي كونتها الدولة من الفائض في الأعوام السابقة نتيجة لارتفاع أسعار النفط، بالإضافة إلى زيادة معدلات الإنتاج، كما أن استخدام نسبة من الاحتياطي العام للاستثمارات الخارجية الآمنة التي تتميز بسيولة عالية يساعد المملكة على تسييلها بسهولة في حالة الرغبة في ذلك لأن الملاحظ أن الاستثمارات تتركز في معظمها على أصول سيادية أو ما يعرف بـ«سندات خزينة» إذ ارتفعت بشكل كبير إبان الأزمة المالية لأنها تمثل ملاذا آمنا بالمقارنة مع سندات الشركات أو أي سندات أخرى.
وعن توقعاته بشأن تأثير انخفاض الموازنة بشكل سلبي على الإنفاق الاستثماري، قال: سيكون هناك تحفظ على المصروفات المخصصة للإنفاق الاستثماري ومشروعات البنية الأساسية، وبالتالي سيؤدي إلى انخفاض معدل النمو الاقتصادي للعديد من محافظات المملكة خاصة المدن الصناعية الذي سيؤثر بدوره على خلق فرص العمل للعاطلين والذي يقدر عددهم بـ 2 مليون عاطل وعاطلة عن العمل، إلا أنه لا يتوقع أن تتأثر حاجات المواطنين من الخدمات الأساسية. واستعرض في حديثه تصريح وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف بقوله: إن التصريح يعكس الواقع الاقتصادي الجيد للمملكة والسياسة المالية الواضحة التي تسير عليها باعتبار أن تقديرات الموازنة تبنى على أسعار متحفظة للنفط منذ سنوات طويلة نتج عنها فوائض كبيرة وبناء احتياطات مالية مما أعطى قوة للاقتصاد السعودي يستطيع مواجهتها بنجاح عند حدوث الأزمات العالمية.

الأقل في «العشرين»
وحول إمكانية خفض الدين العام، قال خليفة: من المتوقع انخفاض الدين العام مع نهاية عام 2013 م إلى أقل من 90 مليار ريال، خاصة أن نسبته انخفضت إلى 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية في عام 2013.
وأضاف: بالرغم من ذلك فإن هذه النسبة تعتبر الأقل في مجموعة العشرين، وسينعكس انخفاض الدين العام إيجابيا على الاقتصاد ويمنح المزيد من المرونة في الميزانيات المقبلة، وسيسهم في زيادة مستوى السيولة في المصارف السعودية التي ستدعم تنافس البنوك في تطوير قنوات استثمارية جديدة غير السوق المالية من خلال مشاركة القطاع الخاص في المشاريع التنموية.
وأشار إلى أن الدين العام هو دين محلي وهو الأقل على مستوى العالم، وقال: يعود معظم الدين العام إلى صندوقي التقاعد والتأمينات الاجتماعية وهي مؤسسات حكومية وليس هناك أولوية أو ضرورة تحث على التخلص من الدين العام في ظل أنه دون 30 في المئة كونه لا يمثل عبئا على الدولة.
وعن الأرقام القياسية لتكاليف المعيشة المتوقعة، قال: يعتبر الرقم القياسي لتكاليف المعيشة من أهم مؤشرات المستوى العام للأسعار، وقد أظهرت الأرقام القياسية لمستويات الأسعار ارتفاعا خلال السنوات الماضية بسبب سرعة النمو في الاقتصاد السعودي.
واعتبر أن ارتفاع الأسعار ناجم عندما تخلف العرض عن مجاراة الطلب، ما جعل معدل التضخم السنوي يعادل 4 في المئة سنويا، مضيفا: ارتباط سعر صرف الريال السعودي بالدولار يرفع تكلفة الواردات من الدول غير الدولارية، وبما أن السعودية معروفة بأنها دولة استيرادية تستورد من دول مختلفة ارتفعت عملات أغلبها مقابل الدولار في وقت سابق، فإن تكاليف استيراد السلع والخدمات ارتفعت، الأمر الذي أسهم في رفع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية للريال أكثر من 70 في المئة خلال السنوات الماضية.

«سيناريوهات» تأثير النفط
الندوة تطرقت من خلال ضيوفها إلى العديد من السيناريوهات المحتملة للتأثير في ميزانية المملكة خلال العام المقبل كان أبرزها ما تناوله الدكتور حبيب الله تركستاني بقوله: من المتوقع جدا أن تلقي مستجدات أسعار النفط بظلالها على الموازنة، وأرقام الميزانية وهناك عدة مدارس فكرية تتناول هذا الملف بالكثير من التفاصيل لعل أبرزها ثلاث مدارس أحدها يؤكد بأن موازنة 2015 لن تتأثر كثيرا بحجم الحدث النفطي الحالي بالرغم من الانحدار القوي للأسعار ما يجعل ذلك التأثير محدودا بسبب وجود الصناديق السيادية القادرة على احتواء أي أزمة سعرية قد تطرأ، وبالتالي يكون سد الفجوة من خلال الصناديق.
وأضاف: أما المدرسة الأخرى فتميل إلى قدرة السندات على التغطية من خلال طرحها في الأسواق ثم تقرض القطاع العام باعتبار أنها استثمارات مضمونة أكثر مما هو عليه الحال في الأسهم. أما المدرسة الثالثة فتميل إلى التأكيد على وجود عجز تظهر ملامحه جلية في الموازنة المقبلة.
وذهب معه في نفس الاتجاه عصام خليفة، بقوله: يهيمن النفط على تقديرات الميزانية إذ تشكل الإيرادات النفطية بنسبة 85 في المئة من إجمالي الإيرادات، وحتى الإيرادات غير النفطية يحركها النفط بدرجة كبيرة إذ تتكون من قطاع البتروكيماويات الذي يعتمد بدوره على القطاع النفطي.
وأضاف: أن اتجاهات إنتاج النفط تشكل أهم المصادر للتنبؤ بالوضع المالي للمملكة، ويمكن أن نرى ارتباطا واضحا بين أسعار النفط، وإنتاجه، والإيرادات النفطية، وعندما ترتفع أسعار النفط، تزداد الإيرادات بشكل حاد والعكس صحيح.
وفي ما يتعلق بإمكانية تقييم الميزانية على مستوى 45 دولارا للبرميل الواحد، قال: تخفيض تقديرات سعر النفط ستؤثر على قيمة الإيرادات لأن تقييم سعر النفط للمملكة يكون في مستوى 65 دولارا إلا أن وضع سوق النفط قد يجعل التقديرات قائمة على مستوى الخمسينات في ظل تراجع الأسعار وبالتالي يمكن التغطية من خلال الاحتياطيات لكن معدل أسعار النفط في العام المقبل ستبقى في مستوى الستينات إذا لم يكن أكثر من ذلك.
في حين ذكر المستشار فهمي صبحة أن تمسك وزير البترول والثروة المعدنية علي النعيمي بمبدأ تحديد أسعار النفط من خلال السوق يكشف عن أن المملكة لا تربط بين سعر المعادلة في الميزانية والسعر الذي تراه مناسبا للمنتجين والمستهلكين.

عكاظ

زر الذهاب إلى الأعلى