محليات

الشيخ ناصر القطامي : تعلم القرآن في الصغر سبب للنبوغ العلمي، والتفوق الدراسي

99

صراحة – الرياض :

أكد إمام وخطيب جامع خادم الحرمين الشريفين  الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ( رحمه الله ) بمدينة الرياض ، الشيخ ناصر بن علي القطامي ، حقيقة أثر تَعلٌم القرآن الكريم على النٌبوغ العلمي ، والتفوق الدراسي ، مشيراً إلى أنه   لا تعارض بينهما ، بل إن حفظه وتعلمه في الصغر سبب لتوسيع المدارك العقلية ، والقدرات الذهنية ، والفصاحة اللغوية .

وكان القطامي قد تحدث في خطبته  يوم الجمعة عن أثر القرآن الكريم في ترسيخ الإيمان ، وتنمية التوسط والاعتدال ، وجهود المملكة العربية السعودية في نشر القرآن الكريم ، وتطرق إلى دراسات علمية، وإحصاءات ميدانية ، لأثر تعلم القرآن الكريم في زيادة التفوق الدراسي، والنبوغ العلمي ، مبيناً أسباب ذلك  ، وبركة تعلم القرآن العظيم وقراءته على المدارك العقلية ، وعناية السلف الصالح بتربية النشء على تعلم القرآن منذ الصغر ، وأثره في تقويم نفوسهم ، وفصاحة السنتهم ، ثم ختم خطبته بأثر تعلم القرآن الكريم على الأبناء في بناء التوازن النفسي، والسلوك الاجتماعي .

وأوضح القطامي في بداية خطبته  أثر القرآن على النفس قائلاً : ”

للقرآن العظيم جماله وجلاله ، وهيبته وبهاؤه ، وسطوته وكماله ، يخاطب النفس فتخشع ، ويسري إلى الأرواح فتخضع ، ويتغلغل إلى مكامن العقول فتقنع .. مشيراً إلى أن أعداء الإسلام ، والمنخدعون بهم ، يدركون أن سر قوة المسلمين تكمن في تمسكهم بكتب ربهم ، فلذا لم يألوا جهدا في الهجوم على القرآن وأهله، ولقد عجزوا عن ذلك مباشرة ، فلجئوا إلى القوة الناعمة بتجفيف منابع القرآن، وتشويه حلقات تحفيظه، ووصمها بكل نقيصة، لتنفير الناس منها، وهم لايملكون الشجاعة والقدرة على الطعن المباشر في كتاب الله (جل وعلا) ؛ لأن غالب المسلمين لا يوافقونهم على ذلك، فعمدوا إلى الطعن في حملته ومصادر تحفيظه وتلقينه ، ليقينهم الشديد بقوة تأثيره على استصلاح النفوس ، وهداية القلوب ، وتهذيب الأرواح . كما قال ربنا عن تحذير المشركين لبعضهم من الاستماع إلى القرآن {  وقال الذين كفروا لاتسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون }

وأبان القطامي  أن بناء عقول الناشئة بالقرآن يحميهم من الانحراف الفكري والعقدي والأخلاقي ، ويمنحهم التوازن والوسطية في فهم شمولية الإسلام ، وفقه مقاصده .

واستعرض الشيخ ناصر القطامي جهود المملكة العربية السعودية في نشر القرآن الكريم , وقال : “المتأمِّل للأعداد الكبيرة من الحفَّاظ الذين يتخرَّجون بالآلاف سنوياً من طلاب مدارس تحفيظ القرآن الكريم النظامية التابعة لوزارة التعليم ، والجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ، ليدرك الجهد الكبير الذي بذلته بلادنا رعاها الله في تحفيظ القرآن الكريم والعناية به ، ونشره وتعليمه ، وإقامة المسابقات التحفيزية للتنافس على حفظه ومدارسته ، فهو أصلها الذي قامت عليه ، ودستورها الذي تتحاكم إليه ، وهو سنام فخرها ، وتاج مجدها”.

وأكد أن للقرآن العظيم أثر عظيم في تعميق صلة العبد بربه ، وزيادة إيمانه وتقويته ، وبعث الخشية في القلب ، وتنمية الخشوع على الجوارح ، كما قال تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }  , كما أنه شفاء للصدور من أمراضها الحسية والمعنوية ، كما قال ربنا في وصف كتابه { وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين } .

وأضاف  : ” حفظ القرآن وتعلّمه له أثر بالغ على النبوغ العلمي، والتفوق الدراسي ، فقد أظهر إحصاء المركز الوطني للقياس والتقويم بالمملكة العربية السعودية “قياس” تقدم طلاب وطالبات مدارس تحفيظ القرآن الكريم على نظرائهم ببقية مدارس المملكة , حيث بينت الإحصاءات التي نشرها المركز  على موقعه ترتيب المدارس بناءً على أداء طلابها في اختباري القدرات والتحصيلي للأعوام من  1431 هـ  إلى  1433 هـ ، والتي أكدت تفوق مدارس تحفيظ القرآن الكريم بكافة مدارس المملكة، ما يؤكد  بركة أهل القرآن والذي يعد سبباً من أسباب نبوغ الطلاب والطالبات كما أكده مختصون .

وتطرق الشيخ القطامي في هذا الصدد إلى دراسة حديثة نشرتها مجلة الدعوة السعودية : أكدت أن 70% من طلاب الحلقات القرآنية متفوقون دراسياً ، وأن حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة ينمي مدارك الأطفال واستيعابهم بدرجة أكبر من غيرهم ، بالإضافة إلى تمتعهم بقدر كبير من الاتزان النفسي والاجتماعي ، وقدرة كبيرة على تنظيم الوقت والاستفادة منه .

وأشارت الدراسة التي أجريت في المملكة العربية السعودية إلى أهمية البدء في دفع النشء في سن مبكرة إلى حلقات ومدراس تحفيظ القرآن الكريم نظراً لسهولة الحفظ في هذا السن والقدرة على الاستيعاب السريع والاسترجاع.

ولفت إمام وخطيب جامع الملك عبدالله إلى أن كل ما سبق يُعد واقعاً ملموساً ويؤكد وبكل وضوح ما دلت عليه دراسات عدّة أن حفظ القرآن الكريم له أثره العظيم والمبارك في تنمية المهارات الأساسية لدى الطالب وتميُّزِه ونبوغه في حياته العلمية والعملية، كيف لا وقد حوى صدره أعظم الكنوز وأنفس العلوم وأزكاها كلام الله (عز وجل)  القائل: { وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } .

وأرجع  الشيخ القطامي  ارتباط تعلم القرآن بالتفوق الدراسي لعدة أسباب هي:

أولا : أن الذاكرة ملكة جسدية ، تنمو بإنمائها ، وتتسع كلما زاد مخزونها ، قال: الحارث بن أسامة «كان العلماء يقولون: كل وعاء أفرغت فيه شيئاً فإنه يضيق إلى القلب، فإنه كلما أفرغت فيه اتسع»

ثانيا : أن الإنسان إذا أحسن الإنسان التعامل مع قواه العقلية، وأحسن استغلال ذاكرته واستثمارها في شبابه وكهولته ، تضاعف قواه العقلية في الوقت الذي يضعف فيه جسمه وقواه الأخرى..

ثالثا : أن حفظ القرآن وملازمة المراجعة والتلاوة تساعد في تنظيم الوقت وحسن استغلاله..

رابعا : سهولة استحضار الأدلة لمن كان حافظاً لكتاب الله تعالى، ولا سيما في المواد الشرعية..

خامسا : أن الإكثار من حفظ القرآن الكريم وتلاوته سبب في لفصاحة اللسان ، فالقرآن أُنزل كما قال الله تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} .

وأكد أن الانشغال بحفظ القرآن لا يتعارض مع التحصيل الدراسي , موضحاً أن بعض أولياء الأمور قد يُحجم  عن إلحاق أبناءه بمدارس تحفيظ القرآن الكريم أو بحلقه المسائية ، متعذرين بأن الانشغال بحفظ القرآن الكريم ومراجعته سيكون على حساب التحصيل الدراسي ، وهؤلاء قد أخذوا الأمر بمقياس مادي بحت ، وهو أن أي أمر قد يشغل وقت الطالب خلا التحصيل الدراسي أنه سيؤثر سلباً على عملية التعليم ومتابعة التحصيل ، والواقع يخالف ذلك كما سلف .

وأشار القطامي على أن  تعلم القرآن معين على الاستقرار النفسي  حيث أظهرت الدراسات الحديثة أن القرآن الكريم يشكل سلوكيات الأبناء ويعدلها ، بل يذهب إلى أكثر من ذلك فيوجد قدراً كبيراً من الاتزان النفسي والاجتماعي ، بل ويعين الأبناء على تنظيمهم لأوقاتهم والاستفادة منها على الوجه الأمثل ، وخاصة عند من يحفظون القرآن الكريم أو أجزاء منه ، ويظهر الأثر الأوضح في متانة علاقاتهم بمن حولهم وحسن اختيار أصدقائهم .

وقال:  “حقيقة تأثير القرآن في النفس المسلمة أمر ثابت لا يحتاج إلى دراسة، فكلام الله “عزَّ وجلَّ”  أنزل لهداية البشر وفلاحهم في الدارين ، فمن أخذ به وجد السعادة الدنيوية والراحة النفسية ، لأن حفظ القرآن وتلاوته والعمل به ،  يهيئ النفس البشرية ويجعلها أدعى للتلقي ، ويصرف عنها الشواغل والصوارف من الشهوات والهموم والمكدرات، وبالتالي يرتفع مستوى صحتها النفسية وقدراتها العقلية ، وذلك للأثر الإيجابي لارتفاع الإيمان ، الذي أساسه القرآن .

وتابع: “فليُعلم أن القرآن خير كله ، وقد يسوغ الحديث والنقاش ، حول صلاحية دمج فصول تعليم القرآن الكريم ضمن مدارس التعليم العام ، لكن التقوَل على الله بغير علم ، والتهجم على محاضن القرآن ومدارسه ، وأهله وحملته ، والطعن في مُصدري القرار ، واتهامهم باتهامات باطلة ، لايمكن أن يُقر عقلا ولا شرعا  ، فهذه الخطوة امتداد لسياسة قامت عليها البلاد ، ونشئت عليها منذ تأسيسها ، وكان ولاة الأمر خير من يقف خلفها ، ويدعم تطورها ، ولقد صدق خادم الحرمين الشريفين ‏‏‫الملك سلمان بن عبدالعزيز‏ ” حفظه الله ” حينما قال : ” إن من يعتقد أن الكتاب والسنة، عائق عن التطور أو التقدم فهو لم يقرأ القرآن أو لم يفهم القرآن ” .

زر الذهاب إلى الأعلى