المقالات

كنوز لا تفنى

في فترة سابقة وأثناء تواجدي في الفترة الصباحية بأحد المراكز الرياضية رأيت عددا لايستهان به من الرجال الذين عرفت من أحدهم أنهم مجموعة من الذين انتهت خدمتهم الوظيفية وتقاعدوا حسب النظام بموجب السن القانوني ، وفي الحقيقة لم تكن تظهر عليهم علامات التقاعد التي نعتقدها أو على الأقل أعتقدها أنا ، فليس هناك نظارات مقعرة ولا ظهر منحن ولا شعر مبيض من الشيب ولا خطوات ثقيلة ، بل العكس رأيت فيهم نشاطا ينافس نشاط الشباب وابتسامة مشرقة وحماس في أداء التمارين الرياضية .

 

وبقدر ما أفرحني ذلك إلا أنه أثار في داخلي عدة تساؤلات لا أعرف ماهي إجابتها أو كيف يتم الإجابة عليها ومنها :

لماذا يوضع سن معين للخدمة في بعض القطاعات التي بالإمكان أن يخدم فيها الموظف أكثر مما خدم ؟

لماذا لا يستفاد من خبرة سنين طويلة تراكمت داخل الموظف بما ينعكس إيجابا على الجهة التي يعمل بها ؟

هل هناك دراسات علمية وتجارب واقعية تدل على أن المتقاعد غير قادر على مواصلة العمل عند بلوغ السن القانونية ؟

وغيرها من التساؤلات التي نتمنى أن تجعل الجهات الحكومية تعيد النظر في تحديد سن التقاعد ، وإن كان لابد فلم لا نستلهم من تجارب الدول الأخرى شرقا أو غربا في الاستفادة من العقول والخبرات التي حان تقاعدها استشارة وإشرافا بل وتدريبا أيضا ؟

 

إن معدل متوسط الأعمار للفرد السعودي قد زاد عما كان عليه قبل سنوات بفضل الله ثم بفضل الاهتمام بالجانب الصحي الذي توليه حكومة المملكة رعاية بالغة ، وكذلك الوعي الصحي المرتفع لدى أفراد المجتمع الأمر الذي انعكس صحة وعمرا وحيوية كما هو ملاحظ على الكثير ، وهذي نقطة إيجابية ينبغي على الجهات المعنية أن تأخذه بالحسبان لتعدل من سن التقاعد حسب طبيعة الوظيفة .

 

ولعلنا نشير هنا إلى مثال ذو عهد قريب وذلك عندما قامت هيئة الإذاعة والتلفزيون مشكورة في يوم التلفزيون العالمي بتخصيص بعض النشرات الإخبارية والبرامج العامة لمذيعين قدامى ليطلوا من خلال الشاشة ويستعيدوا مع مشاهديهم ذكريات جميلة ، فكانت الإطلالة بأبهى حلة وأجمل منظر والأهم من ذلك هو أن هؤلاء المذيعين مازالوا يمتلكون الحس الإعلامي واللياقة العالية والحضور الرائع كما لو أنهم لم ينقطعوا عن الإعلام يوما ، فلماذا يتم الاستغناء عنهم ما داموا يمتلكون القدرة على العطاء ؟

 

وكما أن في الإعلام أسماء قادرة على العطاء والإبداع فكذلك الحال في التعليم وفي الصحة والهندسة والاقتصاد وغيرها من المجالات التي يجب على جهاتها أن تعيد النظر في الخبرات والثروات البشرية التي تنتهي سنويا بنظام تقاعدي ، فإن كان المتقاعد قد جمع مبلغا جيدا فسيفتتح به مشروعا ليملأ وقت فراغه الجديد ويشغل نفسه به ، وإن كان عكس ذلك فسيجتمع مع أقرانه في جلسة عصرية في حديقة عامة لاستذكار الماضي وفي الليل يشغل غيره بصوت عال : طفوا اللمبات وصكوا البيبان .

 

الخاتمة :

المتقاعدون كنز لايفنى

 

بقلم / خالد النويس

زر الذهاب إلى الأعلى