خيل ونخلة وصقر

خيل عربية، ونخلة، وصقر، ذاك التراث الحي والنمط المستمر الذي نشأنا عليه وتطورنا يوماً بعد يوم إلى أن وصلنا لليوم. ففي تاريخ الأمم، تَصنع اللحظات الفارقة أساساً لقيام حضارات جديدة وتعريف هوياتها، وأحد أبرز تلك اللحظات في تاريخ مملكتنا الحبيبة هو يوم التأسيس، ذلك اليوم الذي يمثل نقطة التحول الأكبر في بناء الدولة الأكثر تأثيراً في منطقة الشرق الأوسط.
فتاريخ يوم التأسيس السعودي يرتبط بسنة 1727 ميلادياً، حينما بادر الإمام محمد بن سعود بتأسيس الدولة السعودية الأولى، منطلقاً من مدينة الدرعية، والتي كانت منارة للأمل ومهد لبداية جديدة في قلب شبه الجزيرة العربية. وفي هذا الوقت، كان السعي نحو الاستقرار السياسي والاجتماعي محفزاً لتوحيد القبائل المتناثرة تحت راية واحدة، وتحقيق رؤى وطنية تتجاوز حدود النزاعات القبلية، ويوم التأسيس السعودي لا يعد مجرد ذكرى لتأسيس دولة، بل هو تجسيد لروح القيادة والإرادة التي دافعت عن الهوية والكرامة، وسعت إلى بناء كيان يعكس قيم الدين والتقاليد العربية الأصيلة، ولقد أرسى الإمام محمد بن سعود أسساً قوية لدولة مستندة إلى مبادئ الوحدة والتضامن، مما شكل نواةً لدولة حديثة تجمع بين الأصالة والتطور.
وعلى مدار القرون التالية، تطورت دولتنا الحبيبة بوتيرة متسارعة، وأظهرت قدرة فائقة على التكيف مع التغيرات العالمية، مما جعلها واحدة من أبرز القوى الاقتصادية والسياسية في العالم المعاصر. وفي ظل قيادة المؤسس العظيم الملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه، والذي أسس المملكة العربية السعودية الحديثة عام 1932، حيث تم تعزيز أواصر الوحدة الوطنية وتجسيد الهوية السعودية بوجه حديث ومتقدم، ويوم التأسيس السعودي، ما هو إلا تجسيد لرحلة طويلة من النضال والإنجاز، وهو فرصة لتأمل الإرث التاريخي العريق والاحتفاء بالنجاحات التي حققتها مملكة الحب. إنه يوم للاحتفاء بالقيم التي شكلت هوية دولتنا، وللتأكيد على دورها الريادي في بناء استقرار المنطقة وتعزيز التنمية المستدامة.
فنحن اليوم نحتفل مستحضرين ماضينا المجيد وتاريخنا العريق، وعمق جذور الهوية الوطنية السعودية التي ترسخت على مدار قرون طويلة. ونُسجل بفخر العلاقة الوطيدة بين أبناء الوطن وقادتهم، تلك العلاقة الأصيلة التي تَجذَّرت على مدى أكثر من ثلاثة قرون. كما نُعرب عن اعتزازنا بما تحقق بفضل قيادتنا الرشيدة، من تلاحم وطني ونسيج مجتمعي متماسك، وما نعيشه من وحدة وأمن واستقرار. ففي هذه المناسبة، نسترجع أمجاد قادتنا وعملهم المتواصل في بناء تاريخ عريق، وحاضر مزدهر، ومستقبل مشرق.
وفي هذه المناسبة، يوم التأسيس هو تذكير مهم لكل سعودي بعظمة التاريخ وضرورة الحفاظ على الهوية الوطنية التي شكلت أساس النهضة والتقدم. إن قوة المملكة اليوم هي ثمرة لتاريخ عريق ورؤية واضحة لمستقبل مشرق، مما يجعل يوم التأسيس مناسبة للتأمل والفخر ولتجديد العهد بالمضي قدماً في مسيرة النجاح والبناء، حفظ الله بلادنا وقيادتنا وأدم علينا نعمة الأمن والأمان واللهم وفق ولاة امرنا وزدنا بهم توفيقاً، اللهم احفظ لنا الوالد القائد الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان واطل بأعمارهم، اللهم وفقهم لما فيه الخير اللهم اعنهم وعاونهم وابعد عنهم كيد الحاسدين وشر الأشرار اللهم امين.
الكاتب / طارق محمود نواب
السبت 22 فبراير 2025 م
للأطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا )