محليات

العلاقات السعودية الإماراتية “تطور استراتيجي واتفاق مشترك”

صراحة – الرياض:

تتسم العلاقات السعودية الإماراتية بالتطور الإستراتيجي في إطار رؤيتهما المشتركة للارتقاء بالعلاقات الثنائية وتعزيز علاقات التعاون في مختلف المجالات تحقيقاً للمصالح الإستراتيجية المشتركة بين البلدين والشعبين الشقيقين وحرصهما على دعم العمل الخليجي المشترك.
وتمثل التطور في تكثيف التشاور والاتصالات والزيارات المتبادلة على مستوى القمة والاتفاق على تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين لتنفيذ الرؤى الإستراتيجية لقيادة البلدين للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر ازدهارًا وأمنًا واستقرارًا والتنسيق لمواجهة التحديات في المنطقة لما فيه خير الشعبين الشقيقين وشعوب دول مجلس التعاون كافة.
وترتبط المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ودولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بعلاقات تاريخية أزلية قديمة، ضاربة في جذور التاريخ والجغرافيا، تعززها روابط الدم والإرث والمصير المشترك، أسس دعائمها المغفور له ـ بإذن الله ـ آنذاك – الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ رحمه الله ـ، وحرص قيادتي البلدين على توثيقها باستمرار وتشريبها بذاكرة الأجيال المتعاقبة، حتى تستمر هذه العلاقة على ذات النهج والمضمون، مما يوفر المزيد من عناصر الاستقرار الضرورية لهذه العلاقة، التي تستصحب إرثًا من التقاليد السياسية والدبلوماسية التي أُرسيت على مدى عقود طويلة، في سياق تاريخي، رهنها دائمًا لمبادئ التنسيق والتعاون والتشاور المستمر حول المستجد من القضايا والموضوعات ذات الصبغة الإقليمية والدولية، لذا تحقق الانسجام التام والكامل لجميع القرارات المتخذة من الدولتين الشقيقتين في القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
ويتبادل قادة البلدين الزيارات الثنائية بينهما تعزيزًا للتناغم الذي رسمته العلاقات على مر التاريخ، وقد شهد عام 1438هـ زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى الإمارات العربية المتحدة وذلك انطلاقاً من حرصه – حفظه الله – على التواصل مع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خدمة لمصلحة شعوب دول المجلس، وتعزيز روابط الأخوة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وقد وصل – أيده الله – في يوم الرابع من شهر ربيع الأول 1438هـ إلى دولة الإمارات وكان في استقباله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة.
واستحوذت الزيارة على اهتمام الصحف الإماراتية التي نوهت في مقالاتها الافتتاحية بالعلاقات الاستثنائية التي تجمع البلدين، واصفة إياها بأنها نموذج للتضامن الواجب في كل زمان بين الأشقاء.
وتعكس الزيارات المتبادلة على مختلف المستويات بين البلدين الشقيقين الجهود القائمة لمزيد من العمل الثنائي والمشترك تجاه ” البيت الخليجي الواحد ” بما يعود بالخير على جميع شعوب المنطقة.
وتعد العلاقة التجارية والاقتصادية بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الأكبر بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، والإمارات واحدة من أهم الشركاء التجاريين للمملكة على صعيد المنطقة العربية بشكل عام ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين نحو 72 مليار ريال سعودي.

وتتصدّر دولة الإمارات قائمة الدول الخليجية المصدرة إلى المملكة, كما تأتي في مقدمة الدول الخليجية التي تستقبل الصادرات السعودية، وتأتي في مرتبة متقدمة في قائمة الدول العشر الأولى التي تستورد منها المملكة، وتلعب الاستثمارات المشتركة بين المملكة والإمارات دورًا حيويًا في هذا الجانب، إذ تتجاوز استثمارات المملكة في الإمارات 35 مليار درهم، حيث تعمل في الإمارات حاليًا نحو 2366 شركة سعودية مسجلة لدى وزارة الاقتصاد و66 وكالة تجارية، ويبلغ عدد المشاريع السعودية في الإمارات 206 مشاريع، بينما يصل عدد المشاريع الإماراتية المشتركة في المملكة إلى 114 مشروعًا صناعيًا وخدميًا، برأسمال قدره 15 مليار ريال.

ويعد إطلاق مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بتكلفة تتجاوز الـ 100 مليار ريال، نقلة مهمة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تم تشكيل تجمع إماراتي سعودي بقيادة شركة “إعمار” الإماراتية وبالتحالف مع شركات سعودية لتنفيذ المشروع على ساحل البحر الأحمر.

وتقوم السياحة بين البلدين بدور مهم وحيوي في تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية بينهما، وتعد من بين أهم القطاعات الواعدة التي توفر فرص الاستثمار وجذب المزيد من المشاريع المشتركة، لتنويع القاعدة الاقتصادية والتجارية في البلدين، خاصة بعد أن خصصت دولة الإمارات مبالغ مالية ضخمة للسنوات العشر المقبلة، لتطوير هذا القطاع، بعد النجاحات المطردة التي حققتها في جذب شركات السياحة العالمية، لما تتمتع به من مقومات أساسية، تكفل نجاح الصناعة السياحية فيها، وفي مقدمتها الأمن والاستقرار، والموقع الجغرافي الذي يربط بين مختلف قارات العالم، والبنية الأساسية الحديثة والمتطورة من مطارات وموانئ وشبكة طرق ووسائل اتصالات وغيرها من الخدمات الراقية.

وقطعت المملكة شوطًا كبيرًا في إرساء دعائم العلاقات الإستراتيجية بينها وبين دولة الإمارات في المجالات والميادين كافة، على أسس ثابتة وراسخة ومستقرة، وتطمحان، كأكبر قوتين اقتصاديتين في المنطقة في الوصول إلى الشراكة الاقتصادية بينهما من أجل خدمة شعبي البلدين الشقيقين والمنطقة.

كما حرصت المملكة ودولة الإمارات منذ تأسيس مجلس التعاون على دعم العمل الخليجي المشترك وتبني المواقف التي تصب في وحدة الصف الخليجي وبما يعود بالخير على شعوب دول المجلس في حاضرها ومستقبلها ويمكنها من مواجهة الأخطار والتحديات الإقليمية والدولية التي تنعكس آثارها السلبية على المنطقة.

وتشارك المملكة دولة الإمارات العربية المتحدة أفراحها كما تشاطرها الأحزان فنجد الفرح يعم المملكة أثناء احتفالات الإمارات باليوم الوطني لها في كل عام ويشرّف صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض حفل سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة لدى المملكة بمناسبة ذكرى اليوم الوطني لبلادها في كل عام .

وقد حلت الإمارات ضيفةً للشرف خلال معرض الرياض الدولي للكتاب 2018م، ما يمثل لفتة جديدةً في سجل التلاحم والترابط، وتجسيداً للعلاقات التاريخية المتأصلة التي تجمع الشعبين الشقيقين والمبنية على أسس التفاهم المشترك، والموروثين الثقافي والتاريخي، والقيم والعادات والتقاليد الاجتماعية المشتركة.

وقد خصص القائمون على جناح دولة الإمارات العربية المتحدة شاشة عرض عملاقة تجسد العلاقات المتينة بالصور بين المملكة والإمارات منذ عهد التأسيس وحتى الوقت الحالي.

وتضمنت الصور المعروضة الرؤى المشتركة والعلاقات السعودية الإماراتية، التي تمثل نموذجاً للعلاقات الأخوية بين الأشقاء ونموذجاً حياً للتضامن والتكاتف والتعاضد الأخوي بين الأشقاء، ولما يشهدونه من نمو في المجالات كافة، ولاشتراكهم في رؤية ومصير واحد.

ووثّق المعرض عمق العلاقات السعودية الإمارتية من خلال تدشين فيلم ” خلوة العزم” .

زر الذهاب إلى الأعلى