المقالات

تهميش الكفاءات: المشكلة والحل

ما تهميش الكفاءات؟

يُعرّف تهميش الكفاءات بأنَّه حالة تجاهل أو إهمال للأشخاص ذوي المؤهلات العلمية والخبرات والمواهب والقدرات الـمُميّزة في مجالات مثل التعليم، وسوق العمل، والمجتمع عامة. يتعلق تهميش الكفاءات بعدم اعتراف المجتمع أو المؤسسات بقيمة هؤلاء الكفاءات وإمكاناتهم، وعدم تمكينهم ومنحهم الدعم والفرص المناسبة لقدراتهم.

ما أسباب تهميش الكفاءات؟

تُهمَّش الكفاءات لأسباب متعددة، منها ما يلي:

  1. 1. التحيزات الثقافية والاجتماعية: قد يجري تفضيل بعض الأشخاص بناءً على خصائصهم الثقافية أو الاجتماعية مثل العرق أو الجنس أو المنطقة أو الطبقة الاجتماعية، بغض النظر عن قدراتهم الفعلية ومؤهلاتهم. أو يتم التفضيل بناءً على صلة القرابة، وذلك من أجل كسب ولائهم، والتغطية على فشل المسؤول وضعف إمكاناته.
  2. 2. يمكن أن يكون الخوف من المنافسة سببًا مهمًّا في تهميش الكفاءات: فمن الممكن أن يشعر الأفراد أو المسؤولون الذين يفتقرون إلى الكفاءة بالتهديد من قبل الكفاءات. فقد يخشون أن يفقدوا مناصبهم وامتيازاتهم أو فرص الترقية إذا تم تمكين الكفاءات من إدارة دفة الأمور.
  3. 3. كذلك عدم الاهتمام الكافي بتنمية المواهب وتعزيزها قد يكون أحد أسباب تهميش الكفاءات.

ما أضرار تهميش الكفاءات؟

لتهميش الكفاءات العديد من الأضرار على المجتمع وعلى الاقتصاد. تشمل الأضرار على المجتمع ما يلي:

  1. 1. هدر المواهب والمهارات: حيث إنَّ تجاهل الكفاءات وعدم الاعتراف بها يُفقد المجتمع الفرصة للإفادة من مواهبهم وأفكارهم القيّمة، وتقييد الابتكار والتنمية الاجتماعية.
  2. 2. تعزيز التفاوت الاجتماعية: تهميش الكفاءات يؤدي إلى زيادة الفجوة بين الطبقات الاجتماعية بشكل عام. إذ يعزز التفاوت في الفرص والموارد والمزايا بين الأفراد المهمشين والأفراد ذوي الوضع الاجتماعي المرموق تفاقم عدم المساواة والتمييز، وازدياد الطبقات الفقيرة في المجتمع.
  3. 3. انعدام العدالة والشعور بالظلم: حيث تعاني الكفاءات من عدم الاعتراف بجهودهم وإساءة استغلال حقوقهم، ما يعزز الشعور بالظلم وانتهاك الحقوق. ويؤدي هذا إلى انعزالهم وعدم رغبتهم في المشاركة الفعَّالة في المجتمع والعمل الجماعي.
  4. 4. تدهور القيم الاجتماعية: يمكن أن يؤدي تهميش الكفاءات إلى تدهور القيم الاجتماعية وفقدان الثقة في القيادات والمؤسسات.
  5. 5. إحباط عام بين أفراد المجتمع: حيث قد يؤدي تجاهل الكفاءات إلى شعور جميع أفراد المجتمع بالإحباط وعدم تقدير كفاءات وطنهم؛ ما قد يؤدي إلى زُهد أبناء الوطن هؤلاء في التعليم وكسب المزيد من المهارات؛ ما يؤدي إلى نضوب الكفاءات في المؤسسات والمجتمع.
  6. 6. عندما تشعر الكفاءات بعدم الاعتراف بجهودهم وكفاءاتهم، فإنَّها قد تؤثر على قدرتهم على التحلي بالمبادئ الأخلاقية والاجتماعية والعمل لصالح المجتمع.

كذلك تهميش الكفاءات يمكن أن يسبب العديد من الأضرار والتبعات السلبية على الاقتصاد. وتشمل الأضرار على الاقتصاد ما يلي:

  1. 1. تدهور الأداء الاقتصادي: إذ إنَّ تهميش الكفاءات واستبدالهم بأشخاص من غير المؤهلين وضعيفي الكفاءة يؤدي إلى تدهور كامل المنظومة الاقتصادية. ومن المعروف أن الدول التي تعتمد على الكفاءات في إدارة اقتصادها تكون على قدرة عالية من التنافسية والنمو الاقتصادي والازدهار.
  2. 2. الهدر المالي: فقد صرفت الدولة مليارات الريالات في سبيل تعليم وتدريب هؤلاء الكفاءات داخليًا وخارجيًا دون الإفادة الـمُثلى منهم في تنمية الموارد والاقتصاد.
  3. 3. تعزيز الفساد المالي والإداري: عندما يتم تجاهل الكفاءات واستبدالها بالمحسوبيات والمعارف الشخصية، فإن ذلك يتسبب في زيادة الفساد الإداري والمالي. فقد يتم تعيين أشخاص غير أكفاء في المناصب العُليا ويتم منحهم امتيازات لا يستحقونها، ما يؤدي إلى سوء إدارة الموارد والفشل في تحقيق الاستراتيجيات والأهداف.
  4. 4. ارتفاع مُعدل البطالة بين الأشخاص ذوي الكفاءات العالية: وهذه من أسوأ أنواع البطالة لأنَّها قد تؤدي إلى هجرة العقول إلى دول تُقدرهم وتمنحهم الفرص، وبهذا يخسر الاقتصاد.
  5. 5. زيادة الأعباء والتكاليف على الاقتصاد: قد يؤدي تهميش الكفاءات إلى زيادة التكاليف في الاقتصاد. على سبيل المثال، عندما يتم تجاهل الأشخاص ذوي المهارات المتقدمة والخبرات العالية، يمكن أن تحتاج المؤسسات إلى توظيف موظفين بمهارات أقل مقابل رواتب أعلى، أو توظيف العمالة الأجنبية المؤقتة من غير المهرة، حيث تضطر المؤسسات إلى تدريبهم المستمر لتعويض نقص المواهب المهمة. وهذا بدوره يزيد من تكاليف التوظيف والتدريب ويؤثر سلبًا على كفاءة الاقتصاد وربحيته.
  6. 6. الحد من التنمية المستدامة: يمكن أن يحد تهميش الكفاءات مِن التنمية المستدامة والشاملة في الاقتصاد. فعندما لا يتم الإفادة من المهارات والخبرات المتاحة، يكون هناك نقص في الابتكار وتطوير الصناعات الحديثة التي تسهم في تحسين جودة الحياة وزيادة الإنتاجية.
  7. 7. التبعية للدول الصناعية والتخلف الاقتصادي: عندما يتم تهميش الكفاءات، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تراجع في المستوى التنافسي والابتكاري للمؤسسات والمجتمعات، ومِن ثَمَّ تراجع النمو الاقتصادي والتنمية، وتعزيز حالة التبعية للدول الصناعية والتخلف الاقتصادي.

ما الحلول؟

من الضروري تحقيق تغيير في هذه الديناميكية لتعزيز العدالة والمساواة وتمكين الكفاءات من خلال ما يلي:

  1. 1. منح ذوي الكفاءات الفرصة، كلٌ في مجاله وعدم التضييق عليهم، ودعمهم ومساندتهم.
  2. 2. يجب أن يتم تقييم الأفراد وفقًا إلى قدراتهم ومؤهلاتهم الفعلية، بعيدًا عن الواسطة والمحسوبيات، والمصالح الشخصية الضيقة.
  3. 3. ينبغي أن يتم تجاوز التحيزات الثقافية والمناطقية والعرقية والاجتماعية.
  4. 4. يجب تشجيع المنافسة الصحية وتقدير الكفاءات لتحفيز الابتكار والتطور في المجتمعات والمؤسسات.
  5. 5. من الضروري إدراك أن تمكين الكفاءات له فوائد كبيرة على الأفراد والمجتمعات والمؤسسات والاقتصاد بشكل كاملٍ .

 

بقلم الدكتور/ فهد بن ناصر العنزي

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى