المقالات

عصر النهضة في زمن المجدد MBS

إن الابداع الفكري يحتاج كما لا يخفى أن يمر بمرحلتين، هما مرحلة التخزين ومرحلة التكرار. وكل مفكر ومبدع يحتاج في أول الأمر إلى عمل دائب لجمع المعلومات وتحليلها فكريا ومنطقياً وتطبيقها افتراضياً ثم تخزينها في العقل الباطن حتى تنضج الأفكار هذه تسمى مرحلة التخزين، ويليها اللجوء إلى مرحلة التكرار حيث يستجمع كل مخزونه من المعلومات والاستنتاجات والفرضيات ويطلق عنان عقله الباطن آنذاك هائماً في خيالاته، وحينئذ تنبعث الأفكار والابداع والاختراعات بالبُنى المنطقية. فالمنطقية تُعرف أنها علم القوانين التي تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في التفكير. ويسمى أيضاً (الميزان) على اعتبار أنه كالميزان إذا تقاس به الأفكار ويميز به الصواب عن الخطأ منها. وهذا ما نلاحظ بروزه في عصر النهضة عصر سمو ولي العهد محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود وهو من أبرز مفكرين عصرها. ومن ابرز النقاط الحوارية في مقابلة سمو ولي العهد بتاريخ 3 مارس لعام 2022 كانت تشمل عدة اتجاهات اجتماعية وسياسية واقتصادية وقضائية وغيرها، يتمتع سمو ولي العهد “بمنهجية التفكير” وهي وضع الخطط المستقبلية الواضحة سلفاً التي تساعد على هدم فوضة انعدام التماسك، فكان الأثر الأعظم في تقدم المملكة بطابع خاص بها منفرد عن غيرها من الدول كما قال سمو ولي العهد (نسعى إلى أن نتطور بناءً على ما لدينا من مقومات اقتصادية وثقافية ولا نريد أن نقدم مشاريع منسوخة من أماكن أخرى) ومن هنا نستنبط الأنثروبولوجيا والأنثولوجيا التي أعتمد عليها سمو ولي العهد لإبراز الجانب السياحي والاقتصادي في المشاريع ذو طابع يحمل الصفات الثقافية من فكر وذائقة المجتمع من امتيازات بيئة جغرافية إلى إظهار هوية وطنية ذات مواصفات مختلفة عن الدول الأخرى كما أن كل دولة تتمتع بطابعها الخاص، فالاستنساخ من الدول الأخرى يدفن جانب مميز في قطاعنا الجغرافي. كما نوه سمو ولي العهد عندما سؤل عن القيم الإسلامية مع التطور كان الرد (جميع الدول في العالم قائمة على معتقدات، ودولتنا قائمة على الإسلام)، هو الرد الذي يعزز من فخر البلاد فكل أمة في هذا العالم الصغير سياسياً لا تظهر قوتها إلا بفخرها بعقيدتها وهويتها التي لا يتخللها ضعف، فالأمه مهزوزة العقيدة والهوية تعاني من عقدة العار وهذه العقدة هي التنمية الطبيعية لعقدة النقص فالإنسان الناقص يخجل من ذاته والستيرة هي هاجسه الأساسي بحيث لا يدخل في غور المجتمعات بشكل مهيب لأنه يخشى أن يفتضح أمرة لأنه يستعير من نفسه وهذا دليل صارخ على أن هذه الامة هشة يتخللها الضعف وتكون سهله الاختراق من العدو فهناك احتلالات صامته كالاحتلال الفكري والديني والغزو الثقافي والاجتماعي التي تسبب تفكك لُحمة الوطن، ومن هذا المبدأ عزز سمو ولي العهد فخر الأمه بعقيدتها وبهويتها الاصلية كما أضاف احتفال يوم التأسيس ليظهر المجتمع بأصالته في هويته لبساً وعادات وتقاليد وثقافة فكرية ليهز بها العدو الذي يعتقد أنه المنقذ لنا من ماضينا، فماضينا مشرف لا نحتاج أن ينقذنا منه أحد، فلحمة وطننا وقوته بالحفاظ على أركان عقيدته والهوية الثقافية بدون شوائب دخيلة. أشارت أتلانتيك في المقابلة مع سمو ولي العهد إلى الاعتدال الإسلامي وكان الرد من سمو ولي العهد مفعم بالدقة و المصداقية فقد دقق على “الإسلام المعتدل” وقال (هذا المصطلح يوحي للمتطرفين وكأننا غيرنا الإسلام إلى الاعتدال وهذا أمر غير صحيح بل نحن اليوم نسير على نهج الإسلام الحقيقي)، لا وجود للإسلام المعتدل ولا المتطرف ولكن يوجد الإسلام اليسير كما قال تعالى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها}سورة البقرة الآية 268 والسعة هي قدرت الإنسان من جهد جسدي أو جهد نفسي وقدرت تحمل والله أعلم بها، وأما المجتهدين في الإسلام قدسهم المجتمع بطريقة مبالغة فيها إلى درجة أن التلقين أصبح مذهب متبع ولا يتم التحليل في أمرة وحرمت يوماً ما علوم الفلسفة التي تعتمد على البحث والسؤال وأتخذَ سابقاً المجتمع منحنى “مأزق العقلانية وتعطيل المنطق”  وقال د. مصطفى حجازي (ينجرف الأنسان في التفكير الخرافي الغيبي كوسيلة سحرية للخلاص، ومن هنا كثرة انتشار الخرافة والبدع في أوساط الجماهير المقهورة التي يسمح لها بالتلقي وحرم عليها السؤال، والخرافة هي أفكار وممارسات لا تستند إلى أي تبرير عقلي ولا تخضع تحت أي مفهوم علمي سواء من حيث النظرية أو التطبيق)، بل كان بالمجتمع لدينا قضية استغلال فئة قليلة لفئة كبيرة، فدائرة المعارف العلمية تنتقل من جيل إلى آخر بشكل جامد إجمالا، فالبحث والفلسفة والتساؤل ممنوعة لاهوتياً عند هذه الفئة القليلة التي تدعي الالتزام الديني. ثم أزاح سمو ولي العهد زمن الخرافة والتسلط المذهبي والجمود الفكري وأيقظ المجتمع “بالتفكير الجدلي” الذي يَنفذ إلى مختلف مستويات وأبعاد الظاهرة، فلكل ظاهرة مستويات متعددة من أقصى الذاتية إلى أقصى الموضوعية ومن أقصى الخصوصية إلى أقصى العمومية، فهو عصر النهضة. كما حفز سمو ولي العهد على مبدأ احترام العقائد الأخرى وهذا أمر بحكم الضرورة لكيلا يظل المجتمع الواحد منبوذ بسياسته الاجتماعية بين المجتمعات الأخرى. وكان لمبدأ الاحاديث النبوية الحظ الوافر في الحوار مع سمو ولي العهد حيث بين وفصل أمر الاحاديث المتبعة وكيف كانت أحد الأسباب في خلق النزاعات وقال سمو ولي العهد (هذا هو المصدر الأساسي للانقسام في العالم الإسلامي بين المسلمين المتطرفين وبقية المسلمين، فهنالك عشرات الآلاف من الأحاديث، والغالبية العظمى منها لم تُثبت، ويستخدمها العديد من الناس كوسيلة لتبرير أفعالهم) وأوضح المراد بالحديث المتواتر والآحاد والخبر، وهذا جزء من التوعية الدينية الذي يحاول الوطن اليوم نشر التوعية فيه لجميع فئات وطبقات المجتمع لكيلا يقع بفخ المتزلفين والمتحدثين باسم الدين شخصاً باحثاً عن الحقيقة. وأوضح سمو ولي العهد بالسعي لتغيير نظام العقوبات التي يعود فيها الحكم للقاضي، وهذا ما يكون حوله جدل فلا منطقية لنفس الحادثة لها أكثر من حكم من قاضي إلى أخر، ومن هنا وخلال السنوات القادمة سيتغير نظام العقوبات إلى الأفضل وفي مصلحة الوطن والمواطن. ومازال الطموح والأمل العظيم يرافق عنان السماء مع سمو ولي العهد المجدد ومنه كانت الانتقالة النوعية من المرتبة العشرين لدول المجموعة العشرين وخلال خمس سنوات فقط أصبحت المملكة في المرتبة 17 وأشار المجدد إلى أن الطموح يرغب بالوصول إلى المرتبة 15 بحلول عام 2030.

إلى سيدي ولي العهد محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود كلنا بك فخراً وعزة وكلنا لك سمعاً وطاعة ونجدد لك البيعة كل عام وبالامتنان كل يوم.

 

الكاتبة / عهود الغامدي 

‫2 تعليقات

  1. من أجمل ما قرأت
    مقالة ثرية تتحدث عن منهج شخصية استثنائية قيادية تقود أمة عريقة، جذورها راسخة في التاريخ واغصانها تظلل الحاضر وثمارها ينعم بها اهلها ومن أحب اهلها

    مقالة محبوكة بدقة وعناية ، كأنها فسيفساء تحوي العديد من القطع الزاهية الجميلة، والربط بين القطع سلس وممتع لا يجعلك تشعر بإنتقال مزعج ،
    في كل فقرة ازداد دهشة ورغبة في القراءة
    شكرا للكاتبة المبدعة الاستاذة عهود

زر الذهاب إلى الأعلى