المقالات

كود QR للإنسان

نتعامل يومياً مع مزيج من الشخصيات المختلفة، كل منهم له طريقته وله صفاته وطرق تفاعله التي تختلف عن كل من حوله، ويكاد لا يخلو يوم من أيامنا إلا وأن أصدرنا حكم على شخصية شخص ما، وقمنا بوصفها والقطع في الحكم عليها. فمثلاً قد نصف شخص بأن شخصيته حساسة، أو شخصية خجولة، أو شخصية قوية، أو شخصية هادية، أو بأنها شخصية دقيقة وباحثة عن الكمال.

كل تلك الأحكام أو التشخيصات من وجهة نظرنا صحيحة لأنها مبنية على فهمنا الشخصي لمن نحدثه، وبالطبع نرى ذلك صحيحاً ولا تشوبه شائبة، وذلك كونها تُبنى أيضاً على تفاعلاتهم وتصرفاتهم التي تظهر أمامنا دون تحليل او تعمق فيها. وفي ذلك يؤسفني القول، بأنها لا تعكس دائماً الصورة الكاملة للشخص. فالشخصيات البشرية تتسم بالتنوع والتعقيد، وكل فرد يمتلك جوانب مختلفة ومعقدة من شخصيته، إلى جانب الجوانب المختفية التي قد لا نراها، وأننا نرى فقط ما يريد الآخرون إيصاله لنا، ولذلك لا يمكن تصنيف أي شخص ضمن صفة محددة.

وعلى الرغم من ذلك فنحن لا نستطيع أن نجزم بأن تلك التصنيفات خاطئة بأي شكل من الأشكال، لكنها كلام عام ليس له من الدقة أي أساس، والحقيقة هي أن كل شخص فينا له كتالوج خاص به، وصفات مميزه له، أو بالأحرى كل منا له شفرة وحيدة تميزه ورموز خاصة به وحده.

فالشخصيات البشرية متنوعة ومعقدة، ولا يمكن تصنيف أي شخص ضمن صفة محددة دون معرفة تفاصيله بالكامل، فكل فرد يحمل تجربة وخلفية وعوامل تشكله وتجعله فريداً ومختلفاً عن غيره. فكل شخص له كيان فريد بصفاته وخصائصه ولا يجب الانصياع لتصنيفات عامة قد تكون غير دقيقة.

فما نقوله في علم النفس شيئا، و الحقيقة التي نعيشها كل يوم شيئا آخر. ولذلك نقول دائما لا تصدر حكماً قبل أن تعاشر الناس، و إياك أن تصنفهم كلهم تحت نمط واحد… وأعلم ان فكل منا له تركيبته الخاصة حتى وإن كانوا يجمعون بين نفس الصفات المتشابهة  وذلك ما عليك أن تعلمه جيداً حتى تفهم من أمامك و تكسبه في صفك و تصبح قادراً على التعامل معه.

فكل شخص على وجه الارض لديه ما يشبه الQR كود، يحتاج دائما لفك شفراته بهدوء حتى نتمكن من معرفة تفاصيله الدقيقة، وبالتالي، يجب علينا احترام التنوع في الشخصيات والتفاوت الذي يجعل كل فردٍ يستحق أن يُفهم ويُقدر على أساس فرادته ومميزاته الشخصية. وبالتأكيد فهم هذه الحقيقة يساعد في بناء علاقات إيجابية ومواتية مع الآخرين، ويعزز من التفاهم والتعاطف في التعامل اليومي.

ولذلك أقول واكرر دائما، أبذل وقت وجهد واتعب في فهم من أمامك، و لاحظ أهم نقاط الشخصية واقترب منهم وتقبلهم كما هم بكل عيوبهم، وإياك أن ترفضهم حتى وإن كان فقط داخلك لأن ذلك الإحساس سيصلهم لا محالة. وحينها فقط يمكنك إنشاء صلة حقيقية وعميقة معهم عن طريق فهم صحيح لكل من حولك.

وسرعان ما ستدرك أن المجتمع لا يجب أن يُعامل كمجموعة واحدة وأن كل منا لديه خصوصيته. وأنك ستعود وتذهب وتلتقي بأصدقاء وزملاء وأفراد عائلة وغيرهم، وكل منهم سيكون لديه تفصيلات مختلفة وطرق تفكير وتفاعلات مختلفة، وستُدرك أيضا بأن التصنيفات العامة للشخصيات قد تكون غير دقيقة، وأن التنوع الحقيقي ينبغي أن يُحترم ويُقدر.

وبالتأكيد ينطبق هذا الكلام على كل الناس سواء كانوا اصحابك أو شريك/شريكة حياتك أو حتى أولادك… ومع محاولاتك المتكررة لفك شفرات من حولك، ستختطفه لأرضك وتجعله في صفك.

فإن معرفة طبيعة الشخصية والسمات التي تميز كل فرد تُسهم في تعزيز التفاهم والتواصل الفعّال بين الناس عامةً وبينك وبين المقربين لك خاصةً.

 

الكاتب / طارق محمود نواب

الجمعة  20  أبريل  2024 م

للأطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا )

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى