المنوعات

قطف عسل النحل من خلال مناظر مقابر الأفراد في العصر المتأخر

بقلم الدكتور احمد عبدالعال..

 

صراحة – د.احمد عبدالعال :  اعتقد المصريون القدماء أن للعسل خواصاً سحرية ، حيث قيل إن العسل كان حلواً للبشر الأحياء والأموات سوياً ولكن مرُ المزاق للموتي الأشرار والشياطين حيث كانوا يشمئزون من الجرعات المحتواة علي العسل ، وعلي الرغم من أن العسل لم يرد في قوائم الطعام في الدولة القديمة إلا أن مقادير منه كانت تُحصي في قوائم الدولة الوسطي ، وتوزع علي موظفين مخصوصين ، ولم يكن المصريون القدماء يستغلون عن عسل النحل ومستحضراته التي كانت بالنسبة لهم بمثابة السكر إلينا الآن كان الأكثر شيوعاً في الطب المصري حيث ذكر 500 مرة تقريباً في 900 وصفة طبية معروفة .

كان لعسل النحل أهمية عظمي في صناعة الدهون العطرية ويعد أقدم ظهور لتربية النحل في حجرة الكون في معابد الشمس للملك “ني وسر رع”  والطريق الصاعد للملك “ونيس” وشاع بعد ذلك في الدولة الحديثة،  وبالنسبة للعمال ووضع الشريط علي الصدر فقد كان خاصاً بالكاهن المرتل  المؤدي لأي شعيرة دينية.

وقد جاء ذكر العسل في كثير من النصوص المصرية القديمة ، وذلك لدخوله في كثير من الإحتياجات الخاصة بالإنسان المصري القديم وجاء بهذا الشكل bit، وأهمية عسل النحل ظهرت في إستخداماته كحلويات عند كل الملوك ، وكمادة غذائية طيبة المذاق فوجدت المناحل في النصف الأخير من الأسرة الخامسة.

وكانت الاستفادة من العسل عن طريق الطعام المُقدم للملوك فهذا أحد كبار الموظفين في عصر الدولة الحديثة يتفاخر في نصوص مقبرته بأنه قد زود مائدة الملك بالعسل حيث يقول النص : 

 

 

snm tw.i Hr wAt nt nisw m t bit 

” لقد أُطعمت بجانب الملك بالخبز والعسل ” 

وكان يُقدم كقرابين للمعبودات عن طريق تقديم أقراص العسل التي كانت علي شكل اسطواني ، وكانت تُكوَم بعضها فوق بعض ، كما كان يُستخدم في عملية التحنيط .

 

وعرف المصري القديم نوعين من العسل : 

الأول : عسل درجة أولي أو العسل الصافي النقي ، ويكون خارج بشكل مباشر من الجرار الفخارية ، وهو عسل من النوعية الأفضل جودة ونادراً ما يخفف بالماء.

 الثاني : عسل درجة ثانية ويستخرج من خلال تصفية الدرجة الأولي ، حيث يتم وضع الخليط الأول في جرة فخارية بها فتحة عند القاعدة ، وبها عصي علي شكل صليب مطعم بنبات الحلفا بشكل عريض ، وبذلك يتم إستخراج الدرجة الثانية الذي يباع في السوق.

وجاءت أهمية العسل لتعاظم دوره في قدرته علي شفاء العديد من الأمراض ، من أمراض العيون ، وفقر الدم ، وأمراض الرأس ، أمراض الجهاز الهضمي ، وأمراض الجلد ، كما أنه يزيد من خصوبة النباتات بنقله لحبوب اللقاح من نبات لآخر ، واستخدم لتنعيم البشرة.

أماكن ظهور المنظر علي جدران مقابر الأفراد خلال العصر المتأخر بجبانة العساسيف  بطيبة

ظهر هذا المنظر في مقبرة “باباسا” و”عنخ حور” ونلاحظ وجود رجل في وضع تعبدي وآخر يصب العسل في إناء وقد صـﳳور الرجلان برؤوس حليقة ، ويرتديان نقبة قصيرة وشريط علي الصدر أيضاً.

وعلي الرغم من أن مناظر تلك الصناعة كانت من الصناعات المعروفة في مصر القديمة ،إلا أنها لم تظهر في مقابر الأفراد في عصر الدولة القديمة، وذلك لتداخل النحلة في اللقب الملكي nsw-bity وكانت النحلة شعاراً ملكياً للوجه البحري ويعد أهم الألقاب الملكية الذي يتخذه الملك عند جلوسه علي العرش.

  • مقبرة باباسا (TT.289): 

يظهر رجل وهو يقوم بصب العسل في آنية مختومة بالفعل ، ورجل آخر يرفع يديه للتعبد ، رؤوسهم حليقة ، ويرتدون نقبة قصيرة ، وشريط صدري ويظُهر أمامهم صفوف من النحل ، وصَف من أواني العسل .

وترجع أسباب ظهور المتوفي في وضع تعبدي أمام خلايا النحل كالآتي :

  1. لأن النحلة من الحشرات المقدسة في مصر القديمة.
  2. أعتقد المصريون القدماء أن التعبد أمام الحيوانات أو الحشرات تنفعهم في إرضاء المعبودات ، ولتجنب ضررهما.
  3.  كانت النحلة الملكة في نظر المصري القديم هي الحاكم والمالك للمجتمع الخاص بالنحل ، والآتية بالعسل الحلو الذي يُقدم للملوك والمعبودات ، فأصبحت بذلك رمزاً لمملكة الشمال ، واتخذها الملوك في اللقب النسوبيتي عند توحيد البلاد ، فظهرت في أعز ملكها شامخة بأجنحتها وقرون الاستشعار التي ترتفع إلي السماء .
  4. ربما للوضع الديني لـ “باباسا” فهو المشرف علي عبادة العابدة المقدسة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقبرة عنخ حور(TT.414):
ويعد أصل هذا المنظر موجود في مقبرة “عنخ حور” ثم نُقل إلي مقبرة “باباسا” مع وجود بعض التعديلات الثانوية ويُظهر النقش شخصين في أوضاع مختلفة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

منظر صب عسل النحل في معبد الشمس ” ني وسر رع “

زر الذهاب إلى الأعلى