فن الانتقاء

الذهن جزء قوة الحواس الظاهرة والباطنة عند الإنسان تتميز بقدرة تفصيل وتحليل كل عابر من خلال الحواس الخمسة ومن ثم ابتداء الإقرار بالقبول او الرفض او التطوير وكل هذه داخل نطاق الانتقائية. الإنسان المتزن لابد أن يكون انتقائي لا عشوائي والانتقائية فن أخلاقي يرتقي في كل مرة من خلال الواسع الثقافي للفرد حيث تساعده على توسيع نطاق الانتقاء بدقة في جميع الجوانب وإدراك أثرها على المدى البعيد. واجب على كل إنسان الانتقاء في حق نفسه للحفاظ على قيمة أخلاقه في المقام الأول وفي حقوق الأخرين للحفاظ على مسار الاحترام معهم في المقام الثاني. ينتقي الإنسان طعامه وشرابه وكل ما يدخل إلى جسده فهي صحته وعافيته. ينتقي لباسه واناقته ونظافته فهي مظهرة وشخصه وقبوله اجتماعياً. ينتقي مفرداته فاللغة العربية واسعة فهي تمثل أخلاقه وفكره ومستوى وعيه وذكائه وليس لأحد ذنب بسماع قسوة المفردات ودونيتها. ينتقي الإنسان مصطلحاته لوصف المواقف والأحداث فعلم اللسانيات أتاح الفلسفة اللغوية للوصول إلى الفكرة والوصف بدون إساءة لأصحابها. ينتقي محيطه ومن يجالسهم ويعرف من أي هرميات أخلاقية وإنسانية هم لأن تبعاتها واردة في حياته، فلا يجالس من لا يليق به. ينتقي الأماكن التي يذهب اليها فهي تمثله وتؤثر على حياته، ينتقي من يحاوره لأن القضية التي تكبد فيها عناء شوط طويل للبحث والتفكير والتحليل والربط وخرج منها باستنتاج وجب حوار الأمر مع من اعطى من وقته لتفكير في هذه القضية حتى لو كان مخالف بالرأي والنظرية فكل موضوع وقضية لها اتجاهات واكتشافات واردة، فلا يعطي من الأفكار و الجهود لمن سيرد عليه (فلان قال عن الأمر) لأن جلوسه معه هو بهدف البحث عن ماذا قال عقله بعد التفكير والبحث عن هذه القضية وليس لأنه يريد معرفة ماذا قالو الأخرين من المتخصصين او غيرهم عن الأمر، ينتقي من يطلبه المشورة وينتقي من يشتكي له ومن يبحث معه عن حلول فالأشخاص مختلفون القدرات. ينتقي الإنسان كل ما يرغب به بعناية شديدة لأنه حصيلة ما سيؤمن به، إيمان الإنسان مرتبط بكل ما تتشبع به حواسه. لوكان جميع الناس انتقائيين لكان النفاق أسطورة لا حقيقة لها.

الكاتبة / عهود الغامدي 

للأطلاع على مقالات الكاتبة ( أضغط هنا )