المقالات

“اطردوا المستثمرين الصغار”

تعالت في الآونة الأخيرة أصوات المستثمرين الصغار من الجنسين شاكية من كثرة الغرامات المالية التي تفرض عليهم لأسباب يرون أنها غير منطقية ، بل وتتعدى ذلك إلى التصيد والترصد لأقل خطأ غير متعمد تقع عليه عين المراقب ، فما إن يقوم المستثمر الصغير بالحصول على الدعم الحكومي المقدم له من الدولة أو من خلال رأس مال جمعه ويستهل مشروعه بالتوكل على الله إلا ويصطدم بمعوقات لم يحسب لها حساب .

وفضلا عن الاشتراطات الإلزامية لافتتاح أي نشاط تجاري نجد أن المستثمر الصغير يمر بدوامة تبدأ من ارتفاع إيجار المحلات ولا تنتهي بكثرة أعمال الحفريات ، وما يزيده إحباطا وخسارة وأذى نفسيا هو تلك الغرامات المفاجئة التي تفرضها (بإجادة) إحدى الجهات التي لو رأى مراقبوها الموظف السعودي يتحدث بالجوال وهو بجانب المحل لفرضوا على المحل غرامة بالآلاف دون نقاش ودون توجيه إنذار أولي ، لتتوالى بعد ذلك وتتنوع الغرامات والمخالفات التي أصبحت منفرة وطاردة لكل من تسول له نفسه التفكير في دخول مجال التجارة وتحسين دخله ودعم الحركة الاقتصادية للوطن ، لينسحب في النهاية ذلك المستثمر الصغير إما بإقفال مشروعه وتحمله خسائر وديون لا طاقة له بها ، أو أن يسلمه ( مجبرا ) لأجنبي يديره ويعطيه المقسوم نهاية كل شهر ، وبذلك نكون لاسلمنا ولا غدا الشر .

هناك الكثير والكثير من القصص التي عايشها المستثمرون الصغار وتصل إلى حد الغرابة ، ولعل معظمكم سمع بها ورأى كثيرا من المحلات التي أغلقت في معظم مناطق المملكة وعلقت عليها لوحة للإيجار أو التقبيل ، أليس هذا مدعاة لإعادة النظر في بعض القرارات التي تصدرها الجهات المشرفة على القطاع التجاري ؟ لماذا نجد تسهيلا من جهة وفي المقابل نجد تعقيدا وتنفيرا وتطفيشا من جهة أخرى ؟ أليس ابن البلد أولى بالدعم والتشجيع من المستثمر الأجنبي الذي لانستفيد منه إلا القليل بينما يذهب أغلب دخله للتحويل للخارج ؟ أين التسهيلات التي وعد المستثمرون الصغار بها وماسيقدم لهم من دعم قبل وأثناء وبعد المشروع ؟

وما يثير الاستغراب بشدة أن المستثمر الأجنبي الصغير لم يتأثر بتلك الإجراءات والمخالفات ، بل إنه يظل صامدا وينجح ويستمر رغم ارتفاع رسوم الإقامة والكفالة والإيجارات التجارية وغيرها ، على العكس من نظيره السعودي الذي لم يعد يعرف من أين تأتيه تلك الصدمات المتلاحقة ، فلا هو الذي نجح في مشروعه ولا هو الذي خرج من السوق بلا خسائر .

الواقع الذي نعيشه حاليا لاتكفيه سطور مكتوبة وإنما هو تنبيه ورجاء بأن يعاد النظر في قرارات أثقلت كاهل المستثمرين الصغار وحملتهم خسائر وإحباطات ، وخلقت بيئة غير مشجعة لخوض غمارها والاكتفاء بأن يكونوا مستهلكين بدلا من أن يكونوا مستثمرين يعول عليهم في دفع عجلة الإقتصاد المحلي .

الخاتمة :
أرجو ألا يكون الحال هو عنوان المقال

 

 

بقلم / خالد النويس

 

زر الذهاب إلى الأعلى